الجواب : نعم!
هل توجد صور موضوعية؟
لا !
ما الفرق بين السؤال الأول و الثاني؟
أنا أقولكم 😀
النزاهة في التصوير الصحفي تكون في تقديم الصورة الأقرب إلى واقعية الحدث، أي صورة موضوعية بزاوية 360 تشمل في إطارها كل ما يحدث لحظة التقاطها، كل من بالمكان، كل شيء، لا تغادر صغيرة !… ربـمـا!
النزاهة في التصوير الصحفي ترتبط بمدى توافق معتقدات المصور الصحفي مع التيار الفكري للمؤسسة الإعلامية و انتماءات القارئ الشخصية. ذلك لأن تأثير الصورة الصحفية يمتد إلى ما بعد المشاهدة بالتحليل أو القراءة الشخصية لها.
الآن قم بتحليل التعريفين، أيهما برأيك أقرب إلى مفهوم النزاهة الصحفية؟
برأيي أن التحليل الثاني هو الأقرب للواقع لما يحدث يوميا. ومن هذه القاعدة نستطيع التفريق ما بين المصور الصحفي المتمكن تقنيا و المصور الصحفي المحترف. فالأخير يستطيع دمج الخبرة التقنية مع الخبرة البصرية مما يجعله أكثر مهارة في اصطياد الصور التي تحمل مضمونا مؤثرا و فنا خالصا.
كم مرة قمت بتمزيق ( أيام الطباعة) أو حذف صورة لا تظهر بها بالشكل الذي تريد إظهاره للآخرين؟ و كم من مرة يتمنى السياسيون فعل ذلك بملايين النسخ من صفحات الجرائد اليومية؟
إن السياسيين هم الضحية الأولى في عملية الاستغلال و التكسب السياسي من وراء “التوقيت الزمني” للاتقاط الصورة و الإطار النصي الذي وضعت بداخله. يقوم المصور بالتقاط مئات الصور أثناء القاء الخطب أو عقد المؤتمرات السياسية أو الصحفية، الوقت الذي تنشط به عضلات وجهه من شد و فرد، و يقع في عدسة مصور لا يريد به خيرا، فيختار اللحظة التي يكون بها في ذروة حماسه، أو تعبه، و يذيلها برسالة مناهضة لمنهاجه، أو نص ساخر.
لاحظ حرص رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما على المحافظة على وتيرة واحدة من تعابيرالوجه أثناء خطبه !
ليس ” توقيت ضغط زر التصوير” وحده الملام في تحوير الحقيقة. زاوية التصوير أيضا تلعب دورا لا يقل خطورة في تشكيل الرسالة الأولية من الصورة. لنفرض أنك في شارع و بالصدفة يتعرض أحدهم لحادث و يعرقل الطريق. حينما تصور الحادث و أنت جالس بسيارتك ستوجه إليك أصابع الاتهام بالكسل لأنك لم تترجل من السيارة للاتقاط الصورة. مزيدا من سوء الفهم، و الضحية المصور هذه المرة.
و لنفترض أنك في مهمة لتغطية مظاهرات عنيفة، كيف تختار مكانك؟
لو صورت حيث مكان الشرطة، فستبين لقراء الصحيفة مدى تهديد تلك الجماهير الغفيرة و الشرسة لحياة الشرطة، في حين لو تم تصوير الواقعة من بين المتظاهرين، فسوف تظهر للقراء عمليات القمع الجادة التي يقوم بها رجال الشرطة في سبيل التصدي لهؤلاء المساكين! .. يبقى السؤال، في صف من أنت؟!
يأخذني المثال الأخير إلى ما يقوله الله سبحانه و تعالى في كتابه العظيم عن كيفية الاستدلال من زاوية المشاهدة في تقصي الحقيقة و تفنيد الافتراءات، حيث جاء ذلك في سورة يوسف
“قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ( 26 )
وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ( 27 ) “
التبصر بهذه الآيات العظيمة كمصورة فوتوغرافية تشق طريقها في عالم الوثائقية على ضرورة تدريب عيني الناظرة على أن أكون أكثر حرصا مستقبلا في اختيار الزاوية التي تقرب موضوع الصورة من الواقع، و سوف أضع بالحسبان أن المعنى لا ينتهي عند نشر الصورة، و أن رسالتها الكامنة ستحور، تضخم، يقلل من أهميتها، لن تفهم، لكنها ستصل كما هي لمن يتفق معي بأفكاره و اهتماماته.
.
.بقلم/ عذوب عبد الله
Twitter: @athoob