العالم كله تقريبا شهد الفبركة الصحفية التي ارتكبتها جريدة الأهرام المصرية، أحد أعرق الصحف اليومية بجمهورية مصر العربية. والتي أسست عام 1875. قامت الجريدة بتغيير موضع و ترتيب سيادة الرئيس حسني مبارك إذ وضعته بالمقدمة في صورة له مع الزعماء المشاركين في مباحثات السلام التي عقدت في الولايات المتحدة الأمريكية. إن من غير الطبيعي أن يكون بالواجهة أو المقدمة الرئيس مبارك وهو أحد ضيوف الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما. و قد دافعت الجريدة عن نفسها بقولها أن الصورة ماهي إلا “ تعبيرية” لتعبر عن حمل مبارك هموم مسيرة السلام في الشرق الأوسط ! اسمحولي .. كلام ما يدخل عقل !
تناولت موضوع الفبركة بموضوع من ثلاثة أجزاء. هي ليست ابتكارا عربيا و ليس من العدالة أن نلقي اللوم على عروبتنا واللطم على حال الأمة بسبب هفوة إعلامية تحدث حتى مع كبريات الصحف العالمية. ولو كنت مسؤولة بجريدة الأهرام لقمت بالاستغناء عن المتسبب بتلك الفعلة و استئجار شخصا أكثر مهارة و خبرة منه في برامج تعديل الصور و أكثر دراية بأخلاقيات المهنة. إذ لا مجال للصور “التعبيرية” حينما لا يكون الموضوع المنشور مادة عادية بل “ تغطية صحفية” قام بها عشرات المصورون الصحفيون من مختلف وكالات الأنباء في العالم.
ترى ماذا سيحدث لو أنها أبقت الصورة على حالها؟
لاشيء، ربما ستخدم الصورة الأصلية موقف الرئيس مبارك أكثر برأيي لو نشرت كما هي لأنها توضح عدم رغبة سيادة الرئيس بالمشي جنبا إلى جنب مع الـنـتـن-يـاهـو! كما يسمونه الأخوة المصريون، وفضل المشي بعيدا عنه!
يسأل موقع بي بي سي العربية رواده عما إذا هزت التقنيات الحديثة ثقة الجمهور بالصور، فجاءت النتيجة- حتى ساعة كتابة هذا الموضوع- أن نسبة 86% أجابوا بنعم. كنت شخصيا من الـ 14% الذين أجابوا بالنفي. فكما أشرت بموضوع سابق، أن تطور تقنيات التعديل الرقمية على الصور يصاحبه تطورا هائلا في وسائل الكشف عن تلك التعديلات، و أسوأ ما يمكن أن يحدث هو حالة التعميم. الصحافة العالمية لا زالت بخير، اطمئنو، كما ترون، ليس من السهل الإفلات من “الفضيحة” الإعلامية في عصر تنتشر به بسرعة الضوء و يقدم فيه خبراء الصور المتربصين خدماتهم على الإنترنت و بالمجان!