عن بعد – جيكوس هينري لارتيغ
لم تفتتح أبواب الشهرة له إلا عند بلوغه التاسعة و الستين حيث كان في زيارة إلى إحدى المتاحف الفنية بالولايات المتحدة الأمريكية كونه يكسب رزقه من الرسم. عرفه من خلال هذه الزيارة أحد المهتمين بالنشر و اكتشف بأنه رسام و مصور هاو مبدع بالفطرة. نشرت له صورة من تصويره لكينيدي في مجلة لايف الأمريكية آنذاك بعدد تزامن مع مغتل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جون كنيدي مما ضمن بلوغه شريحة كبيرة من القراء و المشاهدين. فقرر بعدها إزاحة الستار عن مئة و عشرين ألبوم صور من الحجم العملاق، تتنوع محتوياتها ما بين التوثيق العائلي و الاجتماعي ، و صور لأزياء المرأة الفرنسية، عدد لا يستهان به من الصور الغريبة و الصور الرياضية. كان جيكوس هنري لارتيغ Jaques Henri Larigue الذي ولد عام 1894 طفرة فنية تقدمية في عصره الذي كان يطلق عليه العصر الفيكتوري الذي ينادي به المصورون الجادون بالعودة إلى الوراء و تصوير الطبيعة و ارتباط الإنسان بها لفرض التصوير الفوتوغرافي على الفن التشكيلي و اعتباره أحد فروعه. لكنه يصور و عينه على المستقبل!
كان لارتيغ محظوظا منذ صغره، حيث نشأ وسط أسرة ثرية و سعيدة. أحب والده التصوير الفوتوغرافي الذي وفر لابنه أفضل المعدات وهو في السادسة من العمر. صور جيكوس نفسه و عائلته و اصطحب معه الكاميرا حيثما ذهب، وكانت مذكراته ألبومات من الصور. لم تخلو أعمال لارتيغ من روح الفكاهة. فبينما يهتم المصورون بثبات الأشخاص عند التقاط الصورة، كان يطلب منهم القفز، بدى الناس في صوره يقفزون كالمجانين بملابس أنيقة جدا!
سجل للتاريخ صورا تحكي بداية عصر السرعة و تولع الناس بالسيارات السريعة و كان بذلك عميدا لتصوير الآكشن.
توقف الفنان عن التصوير في سن الثامنة عشر. باع القليل من صوره للمجلات الرياضية. و قرر الاعتماد على الرسم في منتصف عمره رغم أنه لم يتوقف عن الكتابة عن التصوير الفوتوغرافي للمجلات المتخصصة. سمى أول كتاب له ” مذكرات قرن ” و استمر باحتراف التصوير لثلاثة عقود، حيث ظل ملهما لأشهر مصوري الأزياء و الرياضة بالعالم إلى أن توفي عام 1986
.