متى تقرر أن تشتري كاميرا جديدة؟
ينطبق هذا السؤال على العدسات و جميع ملحقات و مستلزمات التصوير ، متى تقرر أو تفكر أن تشتري أيا منها؟ هل دافعك لذلك الحاجة، أم حب التجربة و التعلم، أم هي رغبة بالتغيير؟
عالم تكنلوجيا التصوير يتطور بشكل سريع جدا ، فكل بضعة أشهر تطرح لنا إحدى شركات التصوير الكبيرة منتج جديد يسيل لرؤيته لعابنا ، و أصبحت جملة “ما قمنا نلحق!” دارجة على لسان المصورين لسرعة طرح تلك المنتجات التي تجعل ما نملك يبدو قديما بعد بضعة أشهر من شراءه ، فياله من تطور ذو حدين!
يسقط الكثير من المصورين (و أنا قد أكون أحدهم) في فخ “تجديد العدة” بسهولة ، بينما هناك الآخرين ممن يملكون قدرة على مقاومة ذلك التيار الاستهلاكي ، فما هو سر الاختلاف فيما بينهما؟
.
من أجل أن ترتاح نفسيا جمعنا لك بعض النقاط التي على ضوئها تستطيع تقييم حاجتك و إدراك إن كان قرار “التجديد” مناسب و ضروري أم إنه تم استغفالك و جعلك “تدفع” مقابل ما لست بحاجته ، أجب على التساؤلات التالية بصراحة و اتخذ قرارك بعدها و بإذن الله ستستطيع توفير الكثير:
1- هل شعرت برغبة التجديد بعد أن شاهدت أو قرأت إعلانا أو خبرا عن منتج جديد مباشرة؟
جميعنا نشعر بالحماس عندما نسمع أو نقرأ مواصفات أحدث المنتجات ، و لكن يجب أن لا تكون المواصفات المكتوبة هي مقياسنا ، يجب أن نتروى و نقرأ أو نسمع رأي من جرب المنتج لنتعرف على مميزاته و عيوبه و نشاهد نتائجه ، مثلا.. قد تكون الكاميرا ذات دقة و سرعة عالية جدا.. و لكن نتائجها بالتصوير الليلي ضعيفة رغم مواصفاتها المعلنة ، فلا تتسرع و لا يأخذك الحماس أكثر من اللازم.
2- هل رغبتك بالتجديد أتت بعد أن شاهدت ما أعجبك من نتائج المنتج؟
لا تقع بفخ البحث عن نتائج الكاميرا! غالبا الكاميرات (و العدسات) الغالية نشاهد لها نتائج رائعة… و لكن تذكر بأن روعة تلك النتائج غالبا ما يكون سببها هو كون من خرج بها هو مصور محترف أصلا… و ليس الكاميرا! فغالبا من يملك و يستخدم الكاميرات و العدسات الغالية هم المصورون المحترفون أو استوديوهاتهم التي يعملون لديها ، انتبه و تعلم كيف تفرق بين الكاميرا الجيدة و المصور الجيد عند النظر لنتائج التصوير ، لا تتوقع أن تخرج بنتائج مشابهة لهم بمجرد امتلاكك لنفس تجهيزاتهم.
3- هل المنتج المرتقب يسد نقصا حقيقيا لديك؟
و هذه من أهم النقاط ، جميع كاميراتنا “تصور”! فمالذي يدفعنا لشراء غيرها؟ هناك حالات قليلة و نادرة تجعلنا نكون “بحاجة” لشراء كاميرا أو عدسة جديدة ، على سبيل المثال إن كلفت بتصوير مباراة أو بطولة رياضية فإنك بالتأكيد ستحتاج لعدسة مقربة و ربما لكاميرا سريعة ، طبعا أنا هنا لا أتكلم عن تجربة وحيدة.. بل عن اتجاه حقيقي طويل المدى لهذا النوع الجديد من التصوير أو تكليف مجد ماديا يجعل التجديد نافعا على المدى الطويل ، هذه هي حالات “الحاجة” الحقيقية و التي لا داع للحيرة عندما تكون محاطا بها.
4- هل هي “نزوة”؟
من الصعب الاعتراف بالنزوات ، فهي بكثير من الأحيان تكون ناتجة عن نقص في داخلنا و تدفعنا للقيام بتصرفات نندم عليها لاحقا! النزوات و مسبباتها قد تحتاج لجلسات من العلاج النفسي.. و ليس هنا مقام ذلك ، و لكن يكفي بأن ننوه لوجودها و نحذر منها
5- هل سبقك الركب؟
نعم.. العالم يتغير و لا بد لنا من أن نجاريه سابقا أو لاحقا ، و لكن علينا أن نفرق بين التخلف الحقيقي عن الركب و بين التخلف الظاهري:
قد تقيم نفسك على إنك مصور ممتاز ، و لكن كاميرتك التي اشتريتها قبل 5 أعوام ما عادت تعطيك نفس الدقة أو الألوان أو سهولة الاستخدام الموجودة في الكاميرات الحديثة ، فترى صورك -رغم جودتها الفنية- باهتة و لا تضاهي حتى صور المبتدئين تقنيا و بالتالي تبدو صورك ضعيفة مقارنة بهم ، و هذا هو التخلف الحقيقي عن الركب.
أما التخلف الظاهري فهو أمر شكلي ، أي أنك قد تشعر بأنك أقل من غيرك لمجرد امتلاكهم لكامرات أحدث و أغلى منك ، إحذر من هذا الأمر! حتى لو كان من يملك أحدث الكامرات أقل منك مستوى فهذا الأمر لا يقلل من شأنك إن كنت واثقا من قدراتك ، إجعل مقياسك هو النتيجة النهائية… إن كانت كاميراتك تعطيك نتائج أنت راض عنها فلا تهتم برقمها.
بشكل عام ، تغيير الكاميرا مرة كل عام أو كل عامين تحت مسمى “مجاراة الركب” هو أمر سخيف! فما هو الجديد الذي طرأ حتى أصبحت كاميرتك قديمة فجأة؟!
6- هل التجديد يعني صعود “درجة”؟
قد يكون الدافع لشراء كاميرا جديدة هو محاولة لإقناع النفس بأنك قد وصلت لمرحلة متقدمة تتطلب منك ليس فقط تحديث معداتك.. بل الصعود بها لدرجة أو فئة أعلى ، فالكاميرات مقسمة لفئات ، هناك فئة للمستخدم العادي و المستخدم الهاوي و شبه المحترف و المحترف و ما فوق المحترف ، بالحالات الطبيعية كل مصور لا بد له من أن يمر بمراحل ينتقل بها بين الفئة و التي تليها ، متى يتم هذا الانتقال؟ و ما هي المدة الزمنية التي يقضيها في كل فئة؟ لا أحد يعلم! فذلك أمر يرجع للمصور نفسه و مدى تقديره لذاته و لمستواه.
ليس عيبا أن يقضي المصور أعواما طوالا دون أن يفكر بالانتقال للفئة التالية ، و في نفس الوقت عليك أن تتذكر بأن المبادرة بتطوير العدة على أمل أن يتطور المستوى لاحقا هو أمر غير منطقي أولا… و ثانيا، يجعل الناس تضحك عليك… من وراء ظهرك طبعا!!! فكن حذرا.
7- هل دافعك هو حب التجريب؟
أحينا قد نرغب بتجربة نوع ما من أنواع التصوير المتخصصة لسبب أو لآخر كمشاهدتنا لأعمال أحد فناني هذا المجال أو قراءتنا عنه ، فتصوير الماكرو على سبيل المثال من المجالات المتخصصة الجميلة و التي تأسر قلوب الكثيرين… و لكنه مجال يحتاج لعدة مناسبة من عدسات و إضاءة و غيرها ، و في نفس الوقت قد لا يستهوي الجميع للاستمرار و التخصص فيه ، فهل يجب على المصور أن تكون لديه عدة ماكرو كاملة حتى يجرب حظه في هذا المجال؟ و هل حبنا لتجربة كافة أنواع التصوير يعني أنه يجب علينا أن نملك كل عدسة و كل قطعة عدة موجودة بالسوق؟
لا طبعا ، يمكنك أن تروي فضولك و تجرب أي نوع من أنواع التصوير دون أن تشتري العدة ، فيمكنك أن تستعيرها من أحد أصدقائك مثلا ، أو تنظم لأحد نوادي أو مراكز أو معاهد التصوير و تستفيد من ما يملكه من معدات ، أو يمكنك أن تؤجر ما تحتاج في بعض الأحيان ، فإن وجدت نفسك قد أحببت المجال و اقتنعت به بالفعل يمكنك أن تفكر بامتلاك عدتك الخاصة.
8- هل يجب أن تكون عدتي بقراطيسها؟
التصوير هواية مكلفة.. لا شك في ذلك ، و لكن من أجل تقليل تلك التكلفة فكر و ابحث عن المستعمل ، هناك عدة أمور تحكم هذا الأمر كتوفر الكفالة أو على الأقل ضمان أن ما تشتريه هو بالفعل بحالة جيدة و يعمل كما يجب ، و لكن عند توخي الحذر يمكنك أن توفر الكثير إن اتجهت لشراء المستعمل بدل الجديد.
9- متى كانت آخر مرة اشتريت فيها كتابا؟
و قرأته طبعا! في أحيان كثيرة.. بل و في أغلب الأحيان يكون الكتاب هو الدافع الحقيقي و الدائم لتطوير مستوانا في مجال التصوير… أكثر من أي كاميرة أو عدسة ، ففي حين تفقد الكاميرا قيمتها بعد أعوام من استخدامها فإن المعلومة قيمتها ستزداد مع مرور الزمن.
10- هل تذكرت أن تغلق فمك؟
حافظ على لعابك أخي المصور/أختي المصورة! نعم قد تغرينا ملذات التكنلوجيا في كل منتج جديد و متقدم ، و لكن لنتذكر (و أذكر نفسي أولا) بأن ما كل ما تهواه النفس يصلح لها ، و لنتذكر بأن “الهوى” أحيانا يضر بصاحبه أكثر مما يتوقع… خاصة إن كان هذا الهوى ظاهرا أمام الناس ، لنتعامل مع التصوير كفن و وسيلة تعبير راقية.. لا كأكسسوار نفسي و اجتماعي! و هم بالأخير ما نبي يصير فيكم نفس ما صار بـ”أبيييهااا!”
تذكر الكلمة الدارجة الخالدة: المصور هو من يصنع الصورة… و ليس العدة