يقول بارت:” الصورة ليست نسخة من الواقع بل جزء منبثقا منه. إنها سحر وليست فنا.”.
هذه إحدى تعاريف بارت أحد آباء السيميائية أو الدلالية. من هذا المنطلق، سأحاول أن أجيب على هذا السؤال: هل تعكس الصورة الواقع؟
الجواب على هذا السؤال بعد سرد المواقف التالية:
موقف رقم١: انظر إلى صورتك في الهوية الشخصية، ألم تقل على الأقل بينك وبين نفسك، لست أنا من بالصورة! أو صورتي تفشل؟ 🙂
موقف رقم٢: تخاصمت مع أحد أفراد عائلتك سنين، أنت تحبه، سقطت بين يديك صورته بالصدفة. كيف سترى واقع الصورة؟ هل سترى فلان يجلس على كرسي، أم فلان الذي خاصمته؟ كيف هي المشاعر (ردة فعلك) تجاه الصورة؟
موقف رقم٣: أنت تطالع الجريدة اليومية، في الصفحة الرئيسية تتصدر الخبر الرئيسي صورة عن كارثة إنسانية. في أسفل التقرير، شاهدت إعلانا عن مؤسسة خيرية تضع صورة لأحد المنكوبين وتناشد جمهور الصحيفة بالتبرع. نفس الكارثة، الفرق هو الإطار الضمني الذي وضعت الصورة فيه.
أنت تتعاطف مع الصورة رقم واحد المنشورة في الخبر، بينما مع الصورة رقم اثنين تتهم المؤسسة الخيرية بالتكسب والاستغلالية فقط لأنها لا تتماشى مع توجهاتك الفكرية.
موقف رقم٤: وضعت صورة جندي أجنبي يجر طفلا عربيا يبكي، التعليق المكتوب أسفلها: ” انظروا كيف نزعت الرحمة من قلوبهم، إنهم يقتلوننا “
ملاحظة: جسد الطفل في الصورة ليس كاملا، اقتطع من قبل المصور و ترك رجل الطفل خارج إطار الصورة والتي كانت عالقة ببعض الأسلاك. الواقع الذي رآه المصور هو عملية إنقاذ. الواقع الذي نراه، جندي مسيحي كافر يعذب أطفال المسلمين الأبرياء.
لهذه الأسباب يستوجب على من يرصد الحياة العامة التروي في اختيار عناوين أعماله. اختيار عنوانا وصفي مباشر يعني أنك اخترت إطار الوثائقية. اختيار عنوانا ساخرا أو عنوانا تأمليا من وحي الخيال يدخلها في إطار الفنية. اللا عنوان يجعل الصورة في منطقة رمادية. وكأنك تترك للمشاهد حرية القرار. تريدها وثائقية، تريدها فنية؟ على كيف كيفك يا مشاهد 🙂
من هنا نجد أن مفهوم الواقعية في التصوير الفوتوغرافي لا يعني مطابقة الصورة مع الأصل.
واقع الصورة هو واقع تفاعلي يتكون من عناصر عديدة، مثل، الخلفية الفكرية للمصور، اختيار المصور لزمن الالتقاط و تكوين الصورة، السياق التي وضعت ضمنه الصورة، طريقة استقبالك للمعلومات التي تحملها والحالة النفسية التي كنت بها أثناء المشاهدة، الفكرة التي تعززها في مخيلتك وردود أفعالك.
الكاتبة على تويتر athoob@