الشبكات الاجتماعية على الإنترنت تتخم في كل ثانية و من جميع بلدان العالم بصور الطعام والشراب. وبالرغم من انتشارها إلا أنه مازال البعض يستنكر على الأهل والأصدقاء متسائلا “لماذا تصور؟” و “ما الذي أستفيده من متابعة ما أكلت وشربت؟”. فهل فكرت في معرفة الدوافع الكامنة والأسباب الظاهرة التي دفعتك يوما لالتقاط صورة كوب القهوة و ذاك الشاي؟ ما الذي حوّل تصوير الطعام إلى حاجة؟
هناك علاقة عاطفية حميمة بيننا وبين ما نأكل ونشرب، تلك العلاقة مصحوبة بمشاعر جميلة مثل الإحساس بالمتعة واللذة والاسترخاء. نحن بالدرجة الأولى نوثق المشاعر المصاحبة لتناول ذاك الطعام. وبالحديث عن المشاعر، ارتباط الأكل بذكريات جميلة كالسفر أو المناسبات الاجتماعية الخاصة والأعياد تجعل منه مادة فوتوغرافية باعثة للسعادة، وهذا الشعور لا يكتمل إلا بتقاسمه مع الأهل والأصدقاء.
الشكل والتنسيق العام وأحيانا المبالغة في تزيين الأطباق قد يحول بعضها إلى لوحة فنية تحرك أذهاننا إلى توثيق ماهو مشوق ولافت للنظر من باب التسلية، ونشر الجديد منها بمثابة ختم جودة ودعوة شخصية إلى تجربتها. أي أنك تقدم خدمات تسويقية وبالمجان للكافيه أو المطعم أو صاحب المشروع امتنانا وإعجابا بفنونه في الطهي والإعداد والتقديم. ومنا من يصور الغذاء على طبيعته تذكيرا بجمال الطبيعة وبساطتها وتوجيه الآخرين نحو نمط غذائي صحي متنوع وغير ممل.
إن من يعد كوب القهوة وينجح في تطبيق وصفة كمن يقوم برسم لوحة تشكيلية يختلف شكلها ولونها وروحها وإن أعدت ألف مرة، وإظهار هذه الموهبة بنشر الصور يساعد في تنميتها. وعندما نقرر أن نكون مصدرا لإلهام الآخرين سوف نحرص على إظهار الطعام وتقديمه بطريقة جميلة وجاذبة.
ولن أنسى هنا دور التكنولوجيا التي حولت هواتفنا الذكية إلى كاميرات متوفرة بمتناول الأيدي على مدار الساعة، تشجع الناس على الإقبال إلى مثل هذا النوع من التصوير. أضف إلى ذلك، سهولة استخدام التطبيقات الخاصة بالتصوير لا تتطلب أن يكون صاحب الصورة ملما في فنون التعديل على الصور. كما توفر بعض التطبيقات فلاتر خاصة بتصوير الطعام.
المشاركة المرئية للطعام والشراب نوعا من أنواع التواصل الاجتماعي التي استحدثتها الحياة الإلكترونية المزدحمة التي نعيشها الآن، ومن المواضيع التي لا تتخطى دائرة الخصوصية. وعندما تعلق على صورة بكلمة بسيطة مثل “يمي و لذيذ!” أو تضع “لايك” فأنت بطريقة غير مباشرة تخبر صديقك أنه على البال. لذا، صوّر طعامك ولا تبالي.
نشر هذا المقال في العدد السادس من مجلة ذاسيتي TheCity
أثناء دراستي القصيرة في مجال التغذية جاءني مرة سؤال “على أي أساس يختار الشخص طعامه؟” وكنت قد كتبت الهرم الغذائي كامل بفوائدة وكانت الإجابة= خطأ, لأننا نعتمد في إختياراتنا على الذوق و”المناسبات” هي أحد الأسباب الرئيسية في التأثير على نوع وكمية ما نأكل.
فعند ذكر أعياد الميلاد مثلًا فأول ما يطرأ على البال هوالكعك والشمع والبالونات.. وذات الشيء مع الأعراس أو حتى في “عيوش العيد”..هكذا يرتبط الطعام بالفكر. الأطعمة ثقافة. على الرغم من أني ضد ثقافة “البلعة” لتصوير الطعام وأكله متعته.
:))
ثقافة تصوير الطعام تنتشر عالميا شئنا أم أبينا، وعندما نتمنطق فيها تصبح لا طعم فيها ولا لون. لنأخذها ببساطة ولندع الناس تستمتع بالنعمة الفوتوغرافية التي وفرتها لنا تكنولوجيا الهواتف الرقمية. 🙂